القائمة
الصفحة الرئيسية / أخبار / اتفاق التجارة الأمريكي-الأوروبي يتجنب الحرب التجارية
الاتفاق التجاري بين أميركا والاتحاد الأوروبي

اتفاق التجارة الأمريكي-الأوروبي يتجنب الحرب التجارية

شركات أوروبية وأميركية ترحب باتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بوصفه “أقل الأضرار”

بروكسل – تنفّست كبرى الشركات على جانبي الأطلسي الصعداء بعد إعلان اتفاق أولي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. هذا الاتفاق التجاري يجنّب الطرفين حربًا تجارية شاملة. رغم ذلك، لا يخلو الاتفاق من تداعيات سلبية، خاصة بالنسبة لأوروبا.

فقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم الأحد، عن التوصل إلى تفاهم يضع حداً للتصعيد التجاري. الاتفاق يشمل فرض تعرفة جمركية بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية. في المقابل، تعهّدت الشركات الأوروبية بشراء منتجات طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ضخ استثمارات في الاقتصاد الأميركي بقيمة 600 مليار دولار.

إعفاءات لقطاعات استراتيجية

الاتفاق يشمل إعفاءات لقطاعات حيوية مثل الطائرات ومكوناتها، وبعض الصناعات الكيماوية، ومعدات أشباه الموصلات، وعدد من المنتجات الزراعية. بينما ينتظر أن تظل السيارات الأوروبية خاضعة لتعرفة جمركية بنسبة 15%، وهي أقل من المعدلات الحالية.

ورغم أن نص الاتفاق لم ينشر كاملًا حتى الآن، وتبقى بعض البنود قيد التفاوض. إلا أن المسؤولين الأوروبيين وصفوا الوثيقة بأنها “غير ملزمة قانونياً”، لكنها تؤسس لمرحلة أكثر استقراراً في العلاقات التجارية.

ارتياح حذر من قطاع الأعمال الأوروبي

قالت منظمة الطاولة المستديرة للصناعة الأوروبية، التي تمثّل كبار التنفيذيين في الشركات الصناعية والتكنولوجية، إن الاتفاق يقدّم “الحد الأدنى من اليقين المطلوب بعد فترة من الغموض الشديد”. دعت المنظمة إلى توسيع قائمة المنتجات التي يمكن أن تعفى من التعريفات بشكل متبادل.

أما جمعية غرف التجارة والصناعة الأوروبية (Eurochambres) فقد وصفت الاتفاق التجاري بأنه “الحل الأقل ضررًا”. كما أكدت أن “أي مستوى من الرسوم الجمركية يشكّل عائقاً أمام التجارة والنمو، لكن الاتفاق يمنح الشركات الأوروبية بعض الاستقرار”. هذا الاستقرار يعد ضروريًا للتخطيط طويل الأجل.

تأثير محدود على النمو.. لكن غير معدوم

يرى المحللون في “كابيتال إيكونوميكس” أن فرض تعرفة بنسبة 15% قد يخفض الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنحو 0.5%. مشيرين إلى أن التأثير لن يكون كارثياً، طالما أن بقية الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة يواجهون نفس الرسوم.

ومن جهته، وصف كارستن بريزسكي، كبير اقتصاديي “بنك ING“، الاتفاق بأنه “أفضل ما يمكن تحقيقه في ظل الظروف”. لأنه يمنع التصعيد ويجنّب الاقتصاد العالمي مزيداً من المخاطر.

ملف الصلب والألومنيوم ما زال مفتوحاً

في الوقت الذي أكد فيه ترامب استمرار رسوم 50% على واردات الصلب والألومنيوم، قالت فون دير لاين إن الجانبين اتفقا على نظام حصص يسمح بدخول كميات معينة بتعرفة مخفّضة. لكن رابطة صناعة الصلب الأوروبية (Eurofer) أعربت عن عدم كفاية المعلومات، مطالبةً بإلغاء الرسوم المرتفعة على الفور.

كما طالبت رابطة النبيذ الأوروبية بإدراج منتجاتها في اتفاق “صفر مقابل صفر” للرسوم. الرابطة حذّرت من خسائر قد تصل إلى 10% في صادرات النبيذ الأوروبية بسبب الرسوم الجديدة وضعف الدولار الأميركي، وتأمل في تحسين الأوضاع عبر اتفاق تجاري أفضل.

قطاع المشروبات الروحية الأميركية يترقّب

مجلس المشروبات الروحية الأميركي بدوره طالب بإعفاء تام متبادل. هذا الإعفاء موجه للقطاع، مشيرًا إلى أن إلغاء الرسوم سيكون مفيدًا للمنتجين والعمال والمزارعين الأميركيين.


مواقف متباينة من الحكومات الأوروبية

فيما أبدت العديد من الحكومات ارتياحًا حذرًا، شددت فرنسا على ضرورة التركيز على التفاصيل الفنية للاتفاق التجاري. هذا مهم خاصة في قطاع الخدمات، حيث تمتلك الولايات المتحدة فائضاً تجارياً.

ألمانيا رأت في الاتفاق خطوة مهمة لتجنيب اقتصادها التصديري أزمات جديدة. بينما وصفت إيطاليا الاتفاق بأنه “نهاية لفترة من عدم اليقين”، لكنها تنتظر التفاصيل.

آسيا على خط الانتظار

مع الاتفاق الأوروبي، تتحوّل الأنظار الآن إلى آسيا، حيث تجري الولايات المتحدة محادثات تجارية مع الصين وكوريا الجنوبية. وتسعى سيول لتجنب وضع غير متكافئ مقارنةً بأوروبا واليابان، عبر تقديم استثمارات في السوق الأميركية وشراء مزيد من الطاقة الأميركية.

تحليل الخبر

رغم أن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يفرض رسوماً تصل إلى 15% على معظم السلع الأوروبية، إلا أنه يعتبر خياراً واقعياً أفضل من حرب تجارية واسعة. قد تؤدي الحرب إلى أضرار أكبر لكلا الجانبين. يأتي هذا الاتفاق في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي وتوترات تجارية مستمرة. هذا يجعل الاستقرار والتنبؤ في الأسواق أمرًا حيويًا للشركات والمستثمرين. مع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، خاصة في قطاعات مثل الصلب والألومنيوم التي تشهد تعريفة مرتفعة. هناك حاجة إلى توسيع نطاق الإعفاءات لتشمل المزيد من المنتجات. من المتوقع أن يبقى الاتفاق محدود الأثر على النمو الاقتصادي الأوروبي. لكنه يشكل أساساً للحوار المستقبلي ويساعد على ضبط مسار العلاقات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الرئيسيتين في العالم. يأتي هذا في وقت تستعد فيه آسيا للعب دور أكبر في المفاوضات التجارية الدولية، مما يبرز أهمية الاتفاق التجاري في رسم معالم جديدة للمنافسة التجارية.

المصدر

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية محددة بـ *