
بينانس تفتح أبوابها للسوريين بعد سنوات من الإقصاء: فرصة جديدة للشمول المالي
لأكثر من عقد، كانت سوريا معزولة عن النظام المالي العالمي نتيجة العقوبات الاقتصادية المتتالية. هذه العقوبات فرضتها الولايات المتحدة ودول أخرى، مما جعل من الصعب على السوريين الوصول إلى الخدمات المصرفية أو الرقمية الحديثة. واليوم، تشهد البلاد تحولاً لافتاً، مع إعلان منصة «بينانس»—أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم—عن فتح خدماتها للمستخدمين السوريين. حدث ذلك بعد رفع العقوبات الأميركية رسمياً. هذه خطوة تمثل نقلة نوعية في مسار الشمول المالي وإعادة الربط بالاقتصاد الرقمي العالمي.
خدمات شاملة ومنظومة مالية متكاملة
أصبح بإمكان السوريين الآن الاستفادة من مجموعة متكاملة من خدمات منصة «بينانس»، والتي تشمل تداول مئات العملات الرقمية، والعقود الفورية والآجلة، بالإضافة إلى منتجات الإيداع وتحقيق الأرباح، والعملات المستقرة. كما توفر المنصة خدمة «Binance Pay» التي تتيح إجراء التحويلات المالية عبر الحدود بسهولة.
ولتعزيز تجربة المستخدم، تقدم «بينانس» محتوى تعليميًا متخصصًا باللغة العربية، إلى جانب دعم فني محلي يُسهم في ضمان بيئة تداول آمنة وموثوقة.
يُقدّر عدد سكان سوريا بنحو 24 مليون نسمة، فيما يتراوح عدد السوريين المقيمين في الخارج بين 8 و15 مليون شخص. وتعاني البلاد منذ سنوات من أزمات اقتصادية حادة شملت ارتفاع معدلات التضخم، وتدهور قيمة العملة المحلية، مما دفع الكثيرين للاعتماد على التحويلات المالية الخارجية وشبكات غير رسمية لتأمين احتياجاتهم المالية.
اهتمام سوري كبير بالعملات الرقمية
ساهمت هذه الظروف الاقتصادية القاسية في دفع سوريا لتكون ضمن الدول العشر الأولى عالمياً في معدل البحث عن العملات الرقمية عام 2021. ومع تعليق العقوبات، بات لدى السوريين فرصة حقيقية للمشاركة في سوق الأصول الرقمية. يمكنهم المشاركة من داخل البلاد أو عبر الجاليات المنتشرة حول العالم.
تحويلات أسرع ودعم للشركات الصغيرة
بالنسبة للسوريين في الخارج، تمثل هذه الخطوة وسيلة لتحويل الأموال بسرعة وسلاسة إلى ذويهم داخل سوريا. أما للشركات الصغيرة، فتوفر «بينانس» أدوات جديدة للتحوّط ضد التضخم، والتوسع نحو أسواق عالمية. وعلّق ريتشارد تنغ، الرئيس التنفيذي لـ«بينانس»، قائلاً:
“بعد سنوات من الإقصاء، أصبحت لدى السوريين الآن فرصة للبناء والاستثمار والتواصل. مع بينانس، يمكنهم الوصول إلى واحدة من أقوى منظومات العملات الرقمية في العالم، بدءاً من فرص التداول والربح وصولاً إلى مدفوعات العملات الرقمية السلسة.. الأمر لا يقتصر على فتح الحسابات فحسب، بل يشمل أيضاً فتح آفاق مستقبلية.”
سنوات من العقوبات والعزلة المالية
منذ عام 1979، وُضعت سوريا على القائمة الأميركية للدول الداعمة للإرهاب. لكن العقوبات الاقتصادية بلغت ذروتها بعد اندلاع الحرب في 2011. حين أُقرّ قانون «قيصر» عام 2019، الذي شدد الخناق على النظام السوري وألحق أضراراً هائلة بالاقتصاد الوطني، شملت العقوبات حظراً شبه كامل على التعاملات التجارية والمالية. كذلك منعت تصدير واستيراد السلع والخدمات الأميركية، وقيّدت الاستثمارات والمعاملات البنكية المرتبطة بسوريا.
كما أدّى قانون “الكبتاغون” الصادر عام 2022 إلى إضافة المزيد من القيود. هذه الإجراءات جاءت في سياق مكافحة شبكات تهريب المخدرات التي اتُهمت جهات مقربة من النظام بالضلوع فيها. وتشير التقديرات إلى أن خسائر الاقتصاد السوري منذ عام 2011 حتى 2020 بلغت نحو 530 مليار دولار. هذا يساوي تقريباً 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.
اقرأ المزيد: سوريا تعود إلى «سويفت»
بداية جديدة رغم التحديات
مع رفع العقوبات رسمياً، وعودة الخدمات المالية الرقمية عبر «بينانس»، تفتح هذه الخطوة آفاقاً جديدة أمام السوريين، سواء في الداخل أو الخارج. إنها لحظة فاصلة قد تُعيد دمج ملايين الأفراد في الاقتصاد العالمي. كذلك، تمكنهم هذه الخطوة من استعادة جزء من حريتهم المالية وسط مشهد اقتصادي لا يزال مليئاً بالتحديات.
مشاركة
الموضوعات الساخنة

ما هو FOMC؟
ما هو FOMC؟ لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية ودورها الرئيسي في السياسة النقدية الأمريكية المقدمة في عالم الأسواق المالية، تؤثر قرارات السياسة النقدية الأمريكية بشكل حاسم على كافة الأسواق، من الفوركس...
اقرأ المزيد
إرسال تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية محددة بـ *