تصاعدت التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين بشكل كبير، لتبلغ ذروتها في الأيام الأخيرة. فبعد تهديد الرئيس دونالد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية بنسبة 50%، أصدرت الصين تحذيرًا شديد اللهجة بأنها “ستقاتل حتى النهاية” إذا مضت الولايات المتحدة قدمًا في هذا القرار. وقد أعاد هذا التحذير إشعال المخاوف من نشوب حرب تجارية شاملة بين أكبر اقتصادين في العالم، وقد بدأ تأثيرها يظهر بالفعل في الأسواق العالمية.

رد الصين على تهديدات الرسوم الأمريكية

في رد جريء على احتمال زيادة الرسوم، حددت الصين إجراءاتها المضادة لموقف الولايات المتحدة العدواني. وفيما يلي ما هددت به الصين:

• إجراءات انتقامية: وعدت الصين باتخاذ إجراءات انتقامية جديدة إذا تم فرض رسوم إضافية من قبل الولايات المتحدة، مما يشير إلى أنها لن تتراجع.
• دعم الأسواق المحلية: تعهدت الحكومة الصينية بدعم سوق الأسهم المحلية لمواجهة تأثير أي رسوم جديدة.
• خفض قيمة اليوان: قامت الصين رسميًا بإضعاف اليوان مقابل الدولار، حيث تجاوز سعر المرجع عتبة حرجة لأول مرة منذ خريف 2023.

وقد زادت هذه الردود العدوانية من حدة الوضع المتوتر بالفعل، حيث يستعد الطرفان لمواجهات إضافية.

ردود الأسواق المالية العالمية على تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين

رغم التهديدات المتزايدة والمخاوف من حرب تجارية شاملة، أظهرت الأسواق المالية العالمية بوادر تعافٍ، على الأقل على المدى القصير. وإليك كيف كانت استجابة الأسواق حول العالم للتصعيد:

السوق الأمريكية

• عقود مؤشرات الأسهم المستقبلية: ارتفعت عقود مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية، بما في ذلك S&P 500 وNasdaq-100 وDow Jones، بأكثر من 1%.
• عوائد سندات الخزانة: بقي العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات دون تغيير يُذكر عند 4.164%، مما يدل على حذر المستثمرين وسط حالة عدم اليقين التجاري.

الأسواق الدولية

• مؤشر نيكاي 225 الياباني: قفز السوق الياباني بنسبة 6%، مسجلاً تعافيًا قويًا رغم التوترات العالمية.
• الأسواق الأوروبية والآسيوية: تحولت معظم البورصات الأوروبية والآسيوية إلى الارتفاع، مع أرقام خضراء في العديد من المؤشرات.
• السوق الإندونيسية: تراجعت سوق الأسهم الإندونيسية عند إعادة فتحها بعد العطلة، وسط مخاوف بشأن التأثير المحتمل للرسوم الجديدة.

وفي خضم هذه التفاعلات المتباينة، أبدت وزارة الخزانة الأمريكية استعدادها للتفاوض مع بعض الدول مثل اليابان وإسرائيل، مما عزز الآمال في إمكانية نزع فتيل التوترات على بعض الجبهات.

اقرأ أيضًا: تعريفات ترامب الجمركية : تزايد المخاوف بين الجمهوريين

تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق العالمية

لفهم التأثيرات الواسعة لتهديدات الرسوم الجمركية، من المهم إدراك الآثار الاقتصادية التي تترتب على الأسواق العالمية. إليك تحليلًا لكيفية تأثير الرسوم الجمركية على التجارة والأسواق:

ما هي الرسوم الجمركية؟

الرسوم الجمركية هي ضريبة تُفرض على السلع المستوردة، وتُستخدم غالبًا لحماية الصناعات المحلية أو الضغط على دول معينة أو معالجة اختلالات في الميزان التجاري. ولها تأثيرات واسعة تشمل جوانب اقتصادية مختلفة.

الآثار الاقتصادية للرسوم

• ارتفاع الأسعار للمستهلكين: تؤدي الرسوم على الواردات عادة إلى ارتفاع أسعار السلع، مما يزيد العبء على المستهلكين.
• تراجع ربحية الشركات: الشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية قد تواجه انخفاضًا في الأرباح بسبب ارتفاع التكاليف.
• توتر سياسي واقتصادي: تزيد الرسوم من التوترات بين الدول، مما يُصعّب العلاقات الدبلوماسية.
• تقلبات السوق: تؤدي الرسوم إلى تقلبات في أسواق العملات والسلع والأسهم نتيجة ردود فعل المستثمرين.
• تغييرات في تدفقات الاستثمار: قد تتحول رؤوس الأموال من الدول المتأثرة بالرسوم إلى أسواق أكثر أمانًا نتيجة لتغير السياسات التجارية.

التأثيرات المحتملة على السوق والتوقعات الاقتصادية

مع تصاعد الحرب التجارية، هناك عدة سيناريوهات محتملة يجب أن يأخذها المستثمرون ومتابعو السوق في الاعتبار:

ما الذي قد يحدث للأسواق العالمية؟

• ضعف اليوان: ضعف اليوان قد يمنح الصين ميزة في التصدير، لكنه يرفع أيضًا من احتمالات التضخم في الدول التي تعتمد على السلع الصينية.
• خطر ركود عالمي: استمرار التصعيد قد يعرض الاقتصاد العالمي لخطر الركود مع تباطؤ نمو التجارة الدولية.
• الأسواق الناشئة في خطر: الأسواق الناشئة في آسيا، خاصة تلك المستهدفة برسوم ترامب مثل إندونيسيا، قد تواجه نزوح رؤوس الأموال وتراجع العملة.
• ارتفاع الطلب على الأصول الآمنة: قد يزداد الطلب على الذهب، والدولار الأمريكي، وحتى البيتكوين، مع بحث المستثمرين عن الأمان وسط حالة عدم الاستقرار.

التداعيات السياسية

• موقف الصين: موقف الصين الحازم يُظهر استعدادها لحرب تجارية طويلة الأمد بدلًا من حل سريع.
• استراتيجية ترامب التفاوضية: استعداد ترامب للتفاوض مع حلفاء محددين مثل اليابان وإسرائيل يشير إلى تحول نحو نهج أكثر انتقائية بدلاً من نهج عالمي شامل.

الخلاصة: التعامل مع حالة عدم اليقين في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين

بالنسبة للمستثمرين ومراقبي السوق، لا يزال الطريق المستقبلي غير واضح. فمع ارتفاع المخاطر السياسية واستمرار تقلبات السوق، من الضروري مراقبة الوضع الجيوسياسي عن كثب، إلى جانب سياسات العملات وردود الأفعال السوقية.

ورغم بوادر التعافي في بعض الأسواق، لا تزال مخاطر الاضطرابات السياسية والتقلبات الحادة في السوق قائمة بقوة. سيحتاج المستثمرون إلى اليقظة والمرونة أثناء التنقل وسط تعقيدات هذا الصراع التجاري المتصاعد.

المصدر