القائمة
الصفحة الرئيسية / مقالات / موريل سيبرت: أيقونة من قصص نجاح ملهمة في عالم وول ستريت
موريل سيبرت

موريل سيبرت: أيقونة من قصص نجاح ملهمة في عالم وول ستريت

الوقت المقدر للقراءة: 7 دقائق

المقدمة:

عندما نتحدث عن أعظم قصص النجاح في عالم المال، يبرز اسم موريل سيبرت، المعروفة بلقب “سيدة وول ستريت الأولى”. لم تكن مجرد امرأة دخلت بورصة نيويورك، بل كانت رائدة أعمال أعادت رسم ملامح الطريق داخل وول ستريت، وكسرت السقف الزجاجي الذي طالما أعاق النساء.

مقولتها الشهيرة تلخص نهجها في الحياة:


“عندما لا يُفتح الباب، تراجع واركله.”

لقد كانت شخصية فريدة جمعت بين الابتكار، والانضباط المالي، والإيمان العميق بـالتعليم المالي. وبقاؤها كأول امرأة  والوحيدة لعشر سنوات – بين 1,365 رجلاً في بورصة نيويورك (NYSE) يجسّد حجم العزيمة التي صنعت واحدة من أبرز قصص النجاح في الأسواق المالية.

بداية الرحلة: من وظيفة بسيطة إلى بورصة نيويورك

وُلدت موريل سيبرت في كليفلاند عام 1928 لعائلة يهودية، وظهرت موهبتها في الأرقام منذ سن مبكرة، حيث قالت لاحقًا:

“الصفحات الرقمية كانت تحكي لي قصة.”

في جامعة ويسترن ريزيرف، كانت كثيرًا ما تكون الفتاة الوحيدة في صفوف إدارة الأعمال، مما شكّل بدايتها في عالم الأسواق المالية.

عام 1952، تركت دراستها للعناية بوالدها المريض، لكن حلمها في وول ستريت لم يتوقف. بعد عامين، انتقلت إلى نيويورك ومعها 500 دولار فقط، مستوحية ذلك الحلم من زيارة سابقة لـبورصة نيويورك (NYSE).

واجهت رفضًا بسبب عدم حصولها على شهادة جامعية، ما دفعها لاستخدام أولى استراتيجياتها المتمردة: كذبت بشأن مؤهلها لتأمين وظيفة كمحللة في شركة مالية. لم يكن الأمر خداعًا بل تحديًا لنظام يقصي النساء، وجعلت أداءها العالي إثباتًا على أحقيتها.

تنقّلت بين شركات عدة بعد أن اكتشفت فجوة الأجور الظالمة، إذ كانت تتقاضى 60% فقط مما يحصل عليه زملاؤها الرجال. وللتحايل، وقّعت باسم “M.F. Siebert” لتجنب التحيز في الأسواق المالية.

تلك التحديات لم تُضعفها، بل صقلتها. فبإصرارها، أصبحت من أبرز رموز ريادة الأعمال النسائية، ومصدر إلهام في عالم قصص النجاح، ورسخت مكانتها من خلال التعلم الذاتي والعمل الجاد. رحلتها هي درس حقيقي في الاستثمار الذكي، وتأكيد على أن الطريق إلى القمة لا يتطلب دائمًا شهادة، بل عزيمة ورؤية.

اختراق الحصن المنيع – معركة مقعد في بورصة نيويورك

في واحدة من أكثر قصص النجاح تأثيراً في تاريخ المال، جاءت شرارة التغيير في حياة موريل سيبرت من حوار غير متوقَّع مع المستثمر الشهير جيرالد تساي. عندما سألته عن شركة قد تمنحها راتبًا مساوياً لزملائها الرجال

 أجاب:

“لا تكوني سخيفة… اشتري مقعدًا واعملي لحسابك.”

هذه الكلمات غيّرت نظرتها، لتنتقل من محاولة الدخول في النظام القائم إلى بناء كيانها الخاص في قلب وول ستريت.

بدأت معركتها لشراء مقعد في بورصة نيويورك (NYSE) عام 1965، واستمرت لعامين من الرفض والمقاومة، إذ رفض تسعة أعضاء رعايتها فقط لأنها امرأة، حتى قبل الرجل العاشر. ثم واجهت تحدياً غير مسبوق: شرط مالي خاص فرضته البورصة، يتطلب قرضًا بـ300 ألف دولار لإثبات الجدارة الائتمانية، رغم أن هذا لم يُطلب من الرجال. البنوك رفضت منحها القرض بدون عضوية، والبورصة رفضت العضوية بدون القرض – مأزق بيروقراطي يعكس التمييز الممنهج في الأسواق المالية.

رغم ذلك، لم تتراجع. وبفضل إصرارها وعزيمتها التي لطالما كانت سلاحها، أقنعَت بنك “تشيس مانهاتن” بالمجازفة. وفي 28 ديسمبر 1967، دخلت التاريخ كأول امرأة تنضم إلى عضوية بورصة نيويورك، وسط 1,365 رجلاً.

موريل سيبرت: ريادة أعمال وابتكار في قلب وول ستريت

بمجرد انضمام موريل سيبرت إلى عضوية بورصة نيويورك (NYSE) عام 1967، سارعت إلى تثبيت مكانتها كرائدة في عالم ريادة الأعمال. كانت قد أسست شركتها “Muriel Siebert & Co.” قبل حصولها رسميًا على المقعد، لتصبح أول امرأة تؤسس شركة وساطة مالية تابعة للبورصة، وتفتح الباب أمام قصص نجاح نسائية جديدة في الأسواق المالية.

في يوم مايو الشهير عام 1975، عندما أُلغيت العمولات الثابتة في وول ستريت، تحوّلت سيبرت فورًا إلى نموذج الوساطة بالخصم، رغم أنها كانت من منتقدي هذا النموذج سابقًا. هذا التحول لم يكن تناقضًا، بل مثالًا على الاستثمار الذكي وقراءة التغيرات السوقية، وهو ما شكل إحدى أهم نصائح للمتداولين: كن مرنًا، ولا تتشبث بالنماذج القديمة.

وفي عام 1996، أثبتت سيبرت مجددًا جرأتها حين طرحت شركتها للتداول العام باستخدام الاندماج العكسي، وهي آلية شبيهة بشركات SPAC الحديثة. تجاوزت بذلك الاكتتاب التقليدي، في خطوة تبرز فهمها العميق لقواعد المال وتطبيقاتها.

عقيدة سيبرت: “أنت تخلق الفرص بالأداء، وليس بالشكوى

يمكن تلخيص مسيرة موريل سيبرت كلها في عبارتها الخالدة:
أنت تخلق الفرص بالأداء، وليس بالشكوى.”

لم تضيع وقتها في لوم النظام أو الشكوى من الأبواب المغلقة، بل بنت أداءً لا يمكن تجاهله، فكان النجاح هو ردها الوحيد. تلك الفلسفة لم تكن مجرد كلمات، بل تطبيقًا عمليًا لأعمق مفاهيم التعليم المالي والتعلم الذاتي.

إرثها تجلى لاحقًا بوصول ستايسي كننغهام لرئاسة بورصة نيويورك عام 2018، على طريق شقّته موريل في 1967. لقد استخدمت نجاحها كمنصة للدفاع عن التنوع والعدالة، مؤكدة أن التمييز ليس فقط ظالمًا، بل مكلف اقتصاديًا.
بالنسبة لها، تمكين النساء لم يكن شعارًا بل استثمارًا ذكيًا في مستقبل أكثر كفاءة.

ماذا نتعلّم من قصة موريل سيبرت؟

  •  التمسك بالطموح رغم التحديات: موريل واجهت رفضًا متكررًا من بورصة نيويورك قبل أن تنجح، لكنها لم تستسلم
  • هذا النوع من المثابرة هو ما يجعل قصص نجاح الاستثنائية ممكن.
  • أهمية التعليم المستمر: بدأت رحلتها من الصفر، لكنها اعتمدت على التعلم الذاتي، ما يعزز أهمية  التعليم المالي  لكل متداول.
  • الاستقلالية في اتخاذ القرار: أسست شركتها الخاصة واتبعت رؤيتها، وهو ما يُعد درسًا قيمًا في  الاستثمار الذكي.
  • رد الجميل للمجتمع: دمجت بين الربح والمساهمة، فأثبتت أن النجاح في  وول ستريت  لا يعني الانفصال عن القيم.

ملخص إنجازات سيبرت

الإنجازالسنةالأثر
أول امرأة في  NYSE1967فتحت الطريق أمام النساء في وول ستريت
تأسيس شركة وساطة مالية1967مثال واقعي على ريادة الأعمال
إشراف على بنوك نيويورك1977–1982حماية النظام المصرفي من الأزمات
إطلاق مبادرات تعليم ماليالتسعينياتنشر الوعي والاستقلال المالي

قصص نجاح خالدة لا تموت

قصة موريل سيبرت هي واحدة من تلك  قصص النجاح  التي تبقى محفورة في ذاكرة كل من يحلم بالتميّز في عالم المال. إنجازاتها تثبت أن التغيير يبدأ من فرد واحد، وأن  التعليم المالي ، إلى جانب الشجاعة والمثابرة، يمكن أن يصنعا معجزات.
سواء كنت تبحث عن الإلهام، أو ترغب في نصائح للمتداولين، أو تطمح لصنع قصة نجاحك الخاصة في  الاستثمار الذكي ، فلتكن موريل سيبرت مثالًا لك، ولتكن قصتها دافعًا لتبدأ من حيث أنت الآن.

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية محددة بـ *