الوقت المقدر للقراءة: 10 دقائق

في عالم التحليل الفني، هناك العديد من الأدوات لتحديد نقاط الدخول والخروج، وتحديد مستويات الدعم والمقاومة؛ ومن أهم هذه الأدوات وأكثرها استخدامًا على نطاق واسع فيبوناتشي (fibonacci). ولا تقتصر روعة فيبوناتشي من منظور رياضي فحسب، بل إنها تنعكس أيضًا بشكل مدهش في سلوك الأسواق المالية، وسنتعرف في هذه المقالة من أوتت ماركتس، على المفاهيم الأساسية وأدوات فيبوناتشي المختلفة واستراتيجيات تطبيقها.

المنطق الكامن وراء فيبوناتشي في الأسواق المالية

في متتابعة فيبوناتشي، كل رقم هو مجموع الرقمين السابقين:

1, 1, 2, 3, 5, 8, 13, 21, 34, …

تُستخدم النسب التي يتم الحصول عليها بقسمة أرقام فيبوناتشي في تحليل السوق. أهم النسب:

• 23.6%
• 38.2%
• 50% (ليست نسبة رياضية، ولكنها نسبة منطقية)  نفسية
• 61.8%
• 78.6%

تُستخدم هذه النسب في أدوات مثل تصحيح فيبوناتشي (Retracement) أو امتداد فيبوناتشي (Extension).

اقرأ المزيد: ما هو التحليل الفني؟

📏 أنواع أدوات فيبوناتشي

1️⃣ تصحيح فيبوناتشي (Fibonacci Retracement) – أداة ذهبية لتحديد الانعكاسات المؤقتة

ارتداد فِيبوناتشي هو أحد أدوات التحليل الفني الأكثر استخدامًا على نطاق واسع والتي تساعد في تحديد مستويات ارتداد الأسعار المحتملة في خضم الاتجاه. تفترض هذه الأداة أنه بعد الحركة السريعة (صعودًا أو هبوطًا)، عادة ما يصحح السوق جزءًا من هذا المسار ثم يعود إلى مساره الأصلي.

🔍 الاستخدامات الرئيسية لارتدادات فِيبوناتشي:

• تحديد نقاط إعادة الدخول في تصحيحات الأسعار: إذا كان الاتجاه صاعدًا، يمكنك انتظار إعادة الدخول عند أحد مستويات فيبوناتشي الرئيسية، مثل 38.2% أو 50% أو 61.8%.

• الإعداد الذكي لإيقاف الخسارة: يضع المتداولون المحترفون أمر إيقاف الخسارة أدنى قليلاً من مستوى فِيبوناتشي التالي حتى يتمكنوا من الخروج من الصفقة إذا تم كسر المستوى الحالي.

• الدمج مع حركة السعر والشموع: عندما يقترن ارتداد السعر على أحد مستويات فيبوناتشي بنمط ارتداد مثل شريط الدبوس أو الابتلاع، تزداد صلاحية الإشارة.

💡 نصيحة محترف:

إذا كان مستوى فِيبوناتشي يتقاطع مع منطقة دعم/ مقاومة ثابتة سابقة أو متوسطات متحركة، فمن المرجح أن يتفاعل السعر مع هذا المستوى.

2️⃣ امتداد فيبوناتشي (Fibonacci Extension) – خارطة الطريق إلى أهداف السعر

امتداد فِيبوناتشي أو Fibonacci Extension، هو أداة استراتيجية للتنبؤ بالأهداف السعرية في الاتجاهات القوية. عندما يتعافى السعر من التصحيح ويستأنف الاتجاه الرئيسي، يمكن للمتداولين استخدام هذه الأداة لتحديد المستويات المحتملة التي يحتمل أن يحدث فيها توقف أو تراجع أو حتى انعكاس.

🔍 الاستخدامات الرئيسية لامتداد فيبوناتشي:

• توقع أهداف الربح المستهدفة: باستخدام مستويات 100% و161.8% و261.8% و261.8% وحتى 423.6% يمكن تحديد نقاط الخروج المحتملة أو أهداف الخطوة.
• إدارة المراكز: يمكن للمتداولين الاحتفاظ بأجزاء من أرباحهم عند كل مستوى من مستويات الامتداد أو استخدامها كدليل لتحديد وقف الخسارة المتحرك.
• الدمج مع هيكل السوق: إذا كان مستوى الامتداد مرتبطًا بارتفاع أو انخفاض سابق في السوق، أو مستويات نفسية أو مقاومة تاريخية، فإن صلاحية الهدف تتضاعف.

💡 نقطة أساسية:

لرسم الامتداد (Extension) بدقة، يجب عليك أولاً تحديد ثلاث نقاط مهمة: بداية الاتجاه، ونهاية الاتجاه، ونهاية التصحيح. تؤثر دقة اختيار هذه النقاط بشكل كبير على جودة التوقعات.

3️⃣ إسقاط فيبوناتشي (Fibonacci Projection) – التنبؤ بحركات الموجة المستقبلية

إسقاط فيبونَاتشي هو أداة أكثر تخصصًا من أدوات فيبوناتشي الأخرى، والتي يستخدمها في الغالب متداولو الموجات (مثل محللي إليوت) للتنبؤ بحركات السوق المستقبلية. في هذه الأداة، يتم استخدام حركتي السعر الأوليين (الموجتين الأولى والثانية) كأساس لتقدير الموقع المحتمل لنهاية الموجة الثالثة أو الخامسة.

🔁 الأساسيات: لرسم إسقاط فيبوناتشِي، نحتاج إلى ثلاث نقاط:

1. بداية الموجة الأولى
2. نهاية الموجة الأولى (بداية الموجة الثانية)
3. نهاية الموجة التصحيحية (الموجة الثانية)

استنادًا إلى هذه النقاط الثلاث، يتم حساب مستويات مثل 100٪ و 127.2٪ و 161.8٪ وأحيانًا 261.8٪، والتي يمكن استخدامها كأهداف سعرية للموجة الثالثة أو الخامسة.

🎯 تطبيقات إسقاط فيبوناتشِي:

• التنبؤ بنهاية الموجة الثالثة أو الخامسة في هياكل إليوت
• تحديد مناطق انعكاس السعر المحتملة أو نهاية الاتجاه قصير المدى
• الدمج مع أدوات أخرى مثل القناة أو التباعد أو شموع الانعكاس

📌 مثال عملي:

لنفترض أن السوق بدأ اتجاه صعودي، ثم دخل في تصحيح. باستخدام إسقاط فيبوناتشي، يمكننا تقدير أين من المحتمل أن تكون المقاومة الفنية التالية إذا استأنف السعر حركته الصعودية.

💡 نصيحة محترف:

تكون هذه الأداة أكثر دقة عندما تكون موجات السوق السابقة ذات هيكل واضح ونظيف ويكون التصحيح قد تم بطريقة تحليلية (مثل الموجات المتعرجة أو المسطحة).

تابع المزيد: ما هو مؤشر DXY؟

كيفية استخدام تصحيح فِيبوناتشي في التداول

تصحيح فِيبوناتشي هو أحد أدوات التحليل الفني الأكثر فائدة لتحديد مستويات التراجع (Pullbach) في الاتجاه. يستخدم المتداولون هذه الأداة للعثور على نقاط محتملة لإعادة الدخول في الاتجاه. فيما يلي نشرح خطوات استخدام هذه الأداة خطوة بخطوة:

✅ خطوات استخدام تصحيح فيبوناتشي:

1️⃣ تحديد اتجاه السوق السائد

أولاً، تحتاج إلى تحديد ما إذا كان السوق في اتجاه صعودي أو هبوطي. تعمل أداة فيبوناتشي بشكل أفضل في الأسواق ذات الاتجاه السائد.

2️⃣ تفعيل أداة فيبوناتشي على الرسم البياني

في منصات التداول مثل MetaTrader أو TradingView، قم بتفعيل أداة تصحيح فيبوناتشي (Fibonacci Projection).

3️⃣ ارسم الأداة بناءً على الاتجاه:

• في الاتجاه الصاعد: ارسم الأداة من القاع (Low) إلى القمة (High).
• في الاتجاه الهبوطي: ارسم من القمة (High) إلى القاع (Low).

4️⃣ راقب مستويات التصحيح المهمة

تعتبر مستويات مثل 38.2% و50% و61.8% مناطق محتملة لانعكاس السعر.

5️⃣ ابحث عن تأكيد الدخول

لا تدخل أبدًا في صفقة تعتمد فقط على مستويات فيبوناتشي. من الأفضل تعزيز دخولك بأدوات تأكيد مثل:

• أنماط الشموع اليابانية (مثل Hammer یا Engulfing)
• المؤشرات (مثل مؤشر القوة النسبية RSI أو MACD)
• مستويات الدعم/ المقاومة الثابتة أو الديناميكية

💡 نصيحة محترف:

• في الأطر الزمنية الأعلى، تكون مستويات فيبوناتشي أكثر موثوقية.
• في الأسواق ذات الاتجاه القوي، قد يصحح السعر فقط إلى مستوى 38.2% ثم يستأنف الاتجاه.
• يؤدي الجمع بين فيبوناتشي وطرق أخرى مثل حركة السعر أو مستويات العرض والطلب إلى زيادة دقة التحليل بشكل كبير.

تعرف على المزيد: ما هو العرض والطلب؟ مراجعة المفهوم الأساسي للأسواق المالية

استراتيجيات التداول باستخدام أدوات فيبوناتشي

يمكن أن يكون استخدام أدوات فيبوناتشي وحدها مفيدًا، ولكن قوتها الحقيقية تظهر عند استخدامها جنبًا إلى جنب مع أدوات التحليل الفني الأخرى. فيما يلي، نقدم بعض الاستراتيجيات العملية والفعالة التي تزيد من دقة الدخول والخروج في الصفقات من خلال الجمع بين فيبوناتشي وأدوات أخرى:

1️⃣ الجمع بين فيبوناتشي والمؤشرات

إحدى أكثر الطرق شيوعًا وفعالية هي استخدام مؤشرات مثل مؤشر القوة النسبية RSI و MACD جنبًا إلى جنب مع مستويات فيبوناتشي:

• مؤشر القوة النسبية RSI (مؤشر القوة النسبية): عندما يصل السعر إلى أحد مستويات تصحيح فيبوناتشي (على سبيل المثال، 61.8%) ويكون RSI أيضًا في منطقة ذروة البيع أو ذروة الشراء، يتم تلقي إشارة أقوى للانعكاس.

• MACD (تقارب وتباعد المتوسط المتحرك): يمكن أن يكون تقاطع خطوط MACD بالقرب من مستويات فيبوناتشي تأكيدًا على بداية حركة جديدة.

✅ مثال عملي: إذا وصل السعر إلى مستوى تصحيح فيبوناتشي 50% وفي نفس الوقت انخفض مؤشر RSI إلى ما دون 30 (ذروة البيع)، فإن احتمال الانعكاس سيكون أقوى.

2️⃣ باستخدام حركة السعر مع فيبوناتشي

حركة السعر هي واحدة من أكثر الأساليب دقة وشعبية في تحليل السوق. ويمكن أن يؤدي الجمع بينها وبين مستويات فيبوناتشي إلى إنشاء مناطق دخول قوية للغاية:

• أنماط الشموع اليابانية مثل:Pin Bar، Engulfing، أو Hammer
• هيكل السوق: دعم ومقاومة قويان بالقرب من مستويات فيبوناتشي
• تفاعلات الأسعار المتكررة عند تلك المستويات

✅ نصيحة عملية: إذا رأيت شمعة الابتلاع الصعودية عند مستوى 38.2%، فهذه علامة على قوة المشترين في استمرار الاتجاه.

3️⃣ الجمع بين فيبوناتشي وأنماط الرسوم البيانية الكلاسيكية

تعمل الأنماط الكلاسيكية مثل الأعلام والمثلثات والرأس والكتفين بشكل أفضل جنبًا إلى جنب مع فيبوناتشي:

• نمط الرأس والكتفين المعكوس: إذا كان خط العنق عند مستوى 61.8%، يمكن أن يكون كسره إشارة أقوى للدخول في صفقة شراء.
• نمط العلم أو المثلث: إذا كانت نهاية التصحيح (العلم) عند مستوى فيبوناتشي 50%، فإن كسر قمة النموذج يمكن أن يكون نقطة دخول مثالية.

✅ نصيحة ذهبية: يشيع استخدام مستويات فيبوناتشي أيضًا كمناطق prz (Potential Reversal Zone)، في التحليل التوافقي. لذلك، حتى في التحليل الأكثر تقدمًا، تلعب هذه المستويات دورًا رئيسيًا.

🔄 مزايا وعيوب أداة فيبوناتشي

المزايا	العيوب
بسيطة ومفهومة وعملية	لها العديد من المستويات ويمكن أن تكون مربكة
يمكن دمجها مع جميع الاستراتيجيات	ليست دقيقة دائمًا؛ تتطلب تأكيدًا
مناسب لأي إطار زمني	قد ينتج مستويات لا معنى لها إذا تم رسمها على بيانات غير صحيحة

الخلاصة

أصبحت أداة فيبوناتشي، بخلاف كونها أداة رياضية بسيطة، جزءًا لا يتجزأ من التحليل الفني في الأسواق المالية. ما يجعل هذه الأداة قوية، هو قدرتها على التكيف والاندماج مع الأساليب الأخرى؛ من المؤشرات وحركة السعر إلى الأنماط الكلاسيكية.

إذا اعتمدنا على مستويات فيبوناتشي فقط، فقد نتلقى إشارات خاطئة؛ ولكن إذا قمنا بدمج هذه المستويات مع أدوات مثل مؤشر القوة النسبية RSI أو مؤشر الماكد MACD أو الشموع أو هياكل الأسعار، يمكننا أن ندخل بشكل أكثر دقة، مع احتمال نجاح أكبر.

سواء في التداول على المدى القصير أو في حالات التداول على المدى المتوسط، يمكن أن تعمل فيبوناتشي كدليل على انعكاسات الاتجاهات أو استمرارها. ولكن مثل أي أداة أخرى، فإنها تتطلب الممارسة وفهم سلوك السوق والإدارة الذكية للمخاطر.